دور عنصر الزنك في فسيولوجيا النبات
يقوم عنصر الزنك بأدوار عديدة حيوية في فسيولوجيا النبات والمحاصيل تم تفنيدها بالبحث من علماء التغذية والتربة وفسيولوجيا النبات وقد أكدت الأبحاث معظمها وبعضها غير مؤكد ويتم تفنيدها وتعديلها باستمرار، إلا أن الدور المؤكد هو عمله كمحفز إنزيمي أو مرافق إنزيمي بالنبات في عمليات عديدة لأكثر من 300 إنزيم، والمحفزات الإنزيمية بصفة عامة إما عضوية أو أيونات معدنية كالزنك، ونذكر من تلك العمليات الهامة التي يتداخل فيها الزنك ما يلي:1- التخليق الحيوي للأوكسينات
فقد وجد في دراسات فسيولوجية على نقص العناصر الغذائية في الطماطم والذرة أن الزنك هذا العنصر النادر يتدخل في تكوين هرمون الألفا إندول أسيتيك أسيد وهو أحد منظمات النمو النباتية الهامة التي لها أهمية في دفع نمو البادرات وقمم النبات النامية وكذلك نمو وتميز الأزهار، والذي يتناسب مستواه في النبات طردياً مع مستوى الحمض الأميني التربتوفان.
ويدخل الزنك كعامل محفز لإنزيم "تربتوفان سينثيسيز" المسؤول عن الخطوة الأخيرة في تخليق التربتوفان حيث يحول مركب الإندول جليسرول مع مركب السيرين إلى الحمض الأميني التربتوفان مباشرةً تحت تحفيز عنصر الزنك ليدخل في سلسلة تخليق الأوكسين، وعليه فإن مستوى الإندول أسيتيك في النبات ينخفض بانخفاض مستوى التربتوفان في حالة نقص الزنك.
دور عنصر الزنك في تخليق الحمض الأميني التربتوفان |
2- تمثيل النيتروجين بالميتوكوندريا
يحفز الزنك إنزيم جلوتامات ديهيدروجينيز الذي يقوم بتحويل مركب ألفاأمينوكيتوجلوتاريك (والناتج من ارتباط حمض الألفاكيتوجلوتاريك أو الأوكسوجلوتارات مع مجموعة الأمينو فيما يعرف بعملية نقل الأمينو)، ومجموعة الأمينو تنتج كأحد نواتج عملية اختزال النترات أو تحلل البروتين وهي العملية الحيوية الهامة التي تسمى "الأمينة المختزلة" والتي يصاحبها أيضاً انطلاق الأمونيا، وينتج من هذا التفاعل تكوين الحمض الأميني الجلوتاميك أحد الأحماض الأمينية العشرين الهامة للنبات في إنتاج البروتينات، ويعد هذا التفاعل من وسائل تحويل النيتروجين المعدني إلى نيتروجين عضوي بالنبات مما يوضح أهميته القصوى وتأثيره على نمو وإنتاج النبات، ولقد وجد بالبحث أن نقص الزنك بالنبات يتبعه نقص في "آر إن إيه" الريبوسومي والذي له دور هام وحيوي في تكوين البروتينات مما يؤدي لوقف تمثيله وتراكم الجلوكوز والأحماض الأمينية والــ "دي إن إيه" بالنبات، لذا فإنه يقترح أن أي إنزيم يؤثر في تكوين الــ "آر إن إيه" يتأثر تمثيله بنقص مستوى الزنك بالنبات.
3- تحفيز إنزيمات هضم السكريات بدورة حمض البيروفيك في السيتوبلازم
يحفز الزنك إنزيم "فراكتوز بيسفوسفات ألدوليز" والذي يدخل في تحلل الفركتوز إلى جليسرالداهيد 3 بي، ودايهيدروكسي أسيتون منتجاً قدراً كبيراً من الطاقة اللازمة لإتمام دورة حمض البيروفيك وعمليات أخرى بالنبات، حيث يستمر المركب الأول في التحول في دورة البيروفيك منتجاً قدراً كبيراً من الطاقة أيضاً لينتج مركب 2 فوسفوجليسريليت الذي يتحول أيضاً بواسطة إنزيم "الإينوليز" وبتحفيز من عنصر الزنك منتجاً مركب الفسوفوإينول بيروفيت، وعليه فقد وجد أن تراكم الفسفور الغير معدني بالخلية يعد دليلاً من دلائل نقص الزنك بالنبات، لما يلعبه الزنك في تحويل السكريات لمركبات "الهكسوس" الفسفورية.
4- تحفيز إنزيم "ماليك ديهيدروجينيز" في دورة حمض الستريك بالميتوكوندريا
وتلك الدورة هي المرحلة الثانية لإنتاج الطاقة بعد تكسير السكريات وإنتاج البيروفيك حيث يتم تمثيل البيروفيك بالميتوكوندريا من أجل إنتاج الطاقة فيحول هذا الإنزيم حمض الماليك إلى مركب الأوكسالوإسيتات.
5- تحفيز إنزيم "لاكتيك ديهيدروجينيز" وإنزيم "ألكهول ديهيدروجينيز" في دورة حمض البيروفيك
حيث يتم تحويل حمض البيروفيك بعد إنتاجه من تكسير السكريات إلى إيثانول ولاكتيك إسيد بواسطة هذين الإنزيمين وبتحفيز من عنصر الزنك منتجاً قدراً كبيراً من الطاقة اللازمة للنبات في دورة البيروفيك.
6- تحفيز إنزيم "كاربونيك أنهيدريز" في بالكلوروبلاست
حيث يقوم هذا الإنزيم وبتحفيز من الزنك بتحويل ثاني أكسيد الكربون في وجود الماء إلى بيكربونات وينطلق بروتون هيدروجين من هذا التفاعل حيث يضبط حموضة الخلية، وهذا التفاعل تفاعلاً عكسياُ حيث يمكن لذات الإنزيم تحويل البيكربونات إلي ثاني أكسيد الكربون وتثبيته في عملية التمثيل الضوئي أو العكس، ولقد وجد أن البيكربونات الناتجة من مثل هذا التفاعل تدخل في تكوين الطبقة الكلسية الخارجية للشعاب المرجانية البحرية بعد اتحادها مع الكالسيوم، كما تستغلها إنزيمات دورة حمض البيروفيك مثل إنزيم فوسفوإينول بيروفيت كربوكسيليز بعد نقل البيكربونات عن طريق بلازما الجدر لتكون البيكربونات هي الصورة النهائية لدخول الكربون للخلية لإتمام عملها .
إن دور الزنك كمحفز لهذا الإنزيم يساعده ليس فقط في دوره في تثبيت ثاني أكسيد الكربون في التمثيل الضوئي ، بل أيضاً يحفز دوره في مهام أخرى يقوم بها ذلك الإنزيم ومنها دوره في عملية التنفس التي تزداد ليلاً عند توقف التمثيل الضوئي فيقوم الإنزيم بتحريك التفاعل باتجاه منعكس كما ذكرنا، فيتراكم ثاني أكسيد الكربون بالخلية فتقل حموضة الخلية ويتوقف عمل إنزيم الإميليز فتتراكم النشا والسكريات بالخلية نتيجة عدم هضمهما فيقل الضغط الإسموزي وتفقد الخلايا الضامة للثغور الماء مما يؤدي لغلق الثغور ليلاً، والجدير بالذكر أن نقص مستويات الزنك بالنبات يتناسب طردياً مع مستوى هذا الإنزيم بنفس النبات وهذا ما أثبتته الأبحاث، فعند نقص الزنك ينقص مستوى الكاربونيك أنهيدريز وبالتالي تتأثر أدواره التي يتبناها.
إن دور الزنك كمحفز لهذا الإنزيم يساعده ليس فقط في دوره في تثبيت ثاني أكسيد الكربون في التمثيل الضوئي ، بل أيضاً يحفز دوره في مهام أخرى يقوم بها ذلك الإنزيم ومنها دوره في عملية التنفس التي تزداد ليلاً عند توقف التمثيل الضوئي فيقوم الإنزيم بتحريك التفاعل باتجاه منعكس كما ذكرنا، فيتراكم ثاني أكسيد الكربون بالخلية فتقل حموضة الخلية ويتوقف عمل إنزيم الإميليز فتتراكم النشا والسكريات بالخلية نتيجة عدم هضمهما فيقل الضغط الإسموزي وتفقد الخلايا الضامة للثغور الماء مما يؤدي لغلق الثغور ليلاً، والجدير بالذكر أن نقص مستويات الزنك بالنبات يتناسب طردياً مع مستوى هذا الإنزيم بنفس النبات وهذا ما أثبتته الأبحاث، فعند نقص الزنك ينقص مستوى الكاربونيك أنهيدريز وبالتالي تتأثر أدواره التي يتبناها.
7- البروتينات المرتبطة بالزنك
مع تطور تكنولوجيا الهندسة الوراثية أمكن تعليم بعض البروتينات المرتبطة بعنصر الزنك في بعض النباتات الزهرية مثل الأراولا وقد تم تعليم هذا البروتين وصنف بأنه جين يقوم بدوراً هاماً في توجيه عملية تخليق الجبريلليك أسيد في النبات الذي بدوره يؤثر تأثيراً مباشراً على ميعاد التزهير وتميز البراعم الزهرية وعلاقته بالتؤقت الضوئي وعلى تحمل النباتات للإجهاد.
وأخيراً يتضح أن الزنك يلعب دوراً هاماً في فسيولوجيا ونمو النبات فمنها دوره في التخليق والتمثيل وتحفيز الإنزيمات وتحفيز عمليات إنتاج الطاقة لذا فهو من المؤكد أنه من مركبات الطاقة الهامة للنبات، مما يعزز ويؤكد أن نقص مستوياته في النبات في أيٍ من مراحل النمو قد تؤثر تأثيراً مباشراً في تلك العمليات كتخليق الأوكسينات النباتية وتمثيل النيتروجين العضوي وتحفيز إنزيمات دورة تمثيل النشا بالنبات وتحويل ثاني إكسيد الكربون في عملية التمثيل الضوئي.
كما يتضح أن أهميته تعكس أيضاً مدى الحرص والمراجعه عند إجراء تطبيقاته الحقلية عملياً في برامج الخدمة ومعاملات الرش لجميع المحاصيل، فمثلاً دوره في تخليق الأوكسينات يلقي الضوء على حساسية نباتات المحصول له عند المعاملة به كحساسية المحصول للمعاملة بالأوكسينات فالمعاملة بتركيزاته المنخفضة قد تكون محفزة لعمليةٍ ما بالنبات والمعاملة بتركيزات أعلى في توقيتات أخرى قد تحفز عمليات أخرى بعينها وهكذا وبالقياس قد تكون المعاملة به بتركيزات عالية ذات نتائج عكسية للنبات بحدوث سمية بعد المعاملة.
وبالقياس المنطقي فإن الزنك عند مساهمته بدور فسيولوجي في إنتاج أو تحفيز فسيولوجيا بعينها فإنه بالأحرى يمكننا القول بأنه قد يقوم بنفس دور ما يحفزه أو ما يساعد في تخليقه، وليس من الغريب أنه بعد معاملة رش أو معاملة أرضية للزنك من مصدر موثوق أن تجد تحسناً ملحوظاً في نمو النباتات والإنتاجية بالقدر الذي يساويه معاملة بالنيتروجين في ميعاد مثالي للمعاملة بالنيتروجين أو المعاملة بالإندول إسيتيك مثلاً، ولما لا إن كان يساعد في تمثيل النيتروجين بالخلية النباتية وتخليق هرمون الإندول !!
كما نصل للسؤال الذي يطرح نفسه أيضاً: هل إمداد النبات مباشرةً بالمعاملات الأرضية أو الرش بالمركبات الكيميائية المخلقة ومنها العضوية التي يحفز إنتاجها الزنك بالنبات بطريقة غير مباشرة (مثل أكسين الإندول إسيتيك أو التربتوفان أو الجلوتاميك آسيد أو غيرها قد تغني عن إمداد النبات بعنصر الزنك في تطبيقات الرش أو المعاملات الأرضية ؟؟!! هذا ما ستجيب عنه الأبحاث التطبيقية على المدى القريب أو البعيد بدون أي شك.